كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ وَفِي الْمُكْثِ هُنَا لِعُذْرٍ وَاشْتِغَالٍ بِأَسْبَابِ الْخُرُوجِ مَا مَرَّ) وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ مَكَثَ أَحَدُهُمَا لِعُذْرٍ وَالْآخَرُ لِغَيْرِ عُذْرٍ حَنِثَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا حَلَفَ كُلٌّ لَا يُسَاكِنُ الْآخَرَ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ نَوَى أَنَّهُ لَا يُسَاكِنُهُ فِي بَلَدِ كَذَا عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ يَظْهَرُ تَرْجِيحُهُ) فِي الرَّوْضِ، فَإِنْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَنَوَى أَنْ لَا يُسَاكِنَهُ، وَلَوْ فِي الْبَلَدِ حَنِثَ بِمُسَاكَنَتِهِ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ فَسَكَنَا فِي بَيْتَيْنِ يَجْمَعُهُمَا صَحْنٌ وَمَدْخَلُهُمَا وَاحِدٌ حَنِثَ لَا مِنْ خَانٍ، وَإِنْ اتَّحَدَ الْمَرْقَى وَلَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ، وَيُشْتَرَطُ فِي الدَّارِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ بَيْتٍ غَلْقٌ وَمَرْقًى إلَخْ.
(قَوْلُهُ: حَنِثَ بِهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ) أَيْ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَحْنَثُ بِاجْتِمَاعِهِمَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَسْأَلَةُ التَّجَاوُرِ بِبَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ إلَخْ) أَيْ: زَيْدًا مَثَلًا أَوْ لَا يَسْكُنُ مَعِي فِيهَا أَوْ لَا سَكَنْت مَعَهُ فِيهَا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: وَيَجِيءُ هُنَا مَا سَبَقَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْخُرُوجِ بِنِيَّةِ التَّحَوُّلِ وَعَدَمِهَا وَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ الْمَحْلُوفُ عَلَى عَدَمِ مُسَاكَنَتِهِ لِصَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ حَانُوتٍ وَنَحْوِهَا وَمَكَثَ الْحَالِفُ فِي الدَّارِ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِبُعْدِهِ عَنْ الْعُرْفِ انْتَهَى.
وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمُكْثِ هُنَا لِعُذْرٍ إلَخْ) وَيَنْبَغِي فِيمَا لَوْ مَكَثَ أَحَدُهُمَا لِعُذْرٍ وَالْآخَرُ لِغَيْرِ عُذْرٍ حَنِثَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا حَلَفَ كُلٌّ لَا يُسَاكِنُ الْآخَرَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصَحُّ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا إلَخْ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: الْخِلَافُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْآخَرِ) أَيْ: أَوْ بِفِعْلِهِمَا أَوْ بِأَمْرِهِمَا، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أَيْ: وَإِنْ كَانَ بِأَمْرِ غَيْرِ الْحَالِفِ إمَّا الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ الرَّوْضُ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: يُجَابُ إلَخْ) خَبَرٌ وَقَوْلُ مُقَابِلِهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَنْوِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: إنْ نَوَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ حَنِثَ بِهَا فِي أَيِّ مَوْضِعٍ إلَخْ) أَيْ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَحْنَثُ بِاجْتِمَاعِهِمَا فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَسْأَلَةُ التَّجَاوُرِ بِبَيْتَيْنِ مِنْ خَانٍ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْهَا) أَيْ الْمُسَاكَنَةِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: مَسْأَلَةٌ وَإِنْ صَغُرَ إلَخْ) غَايَةٌ، وَقَوْلُهُ: وَاتَّحَدَ مَرَقَاهُ أَيْ: وَحَشُّهُ أَيْضًا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لِكُلِّ بَابٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ مَوْضِعًا حَنِثَ بِالْمُسَاكَنَةِ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ كَانَ فَإِنْ سَكَنَا فِي بَيْتَيْنِ يَجْمَعُهُمَا صَحْنٌ وَمَدْخَلُهُمَا وَاحِدٌ حَنِثَ لِحُصُولِ الْمُسَاكَنَةِ لَا إنْ كَانَ الْبَيْتَانِ مِنْ خَانٍ وَلَوْ صَغِيرًا فَلَا حِنْثَ، وَإِنْ اتَّحَدَ فِيهِ الْمَرْقَى وَتَلَاصَقَ الْبَيْتَانِ؛ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ لِسُكْنَى قَوْمٍ وَبُيُوتُهُ تُفْرَدُ بِأَبْوَابٍ وَمَغَالِيقَ فَهُوَ كَالدَّرْبِ وَإِلَّا إنْ كَانَا مِنْ دَارٍ كَبِيرَةٍ وَإِنْ تَلَاصَقَا فَلَا حِنْثَ لِذَلِكَ بِخِلَافِهِمَا مِنْ صَغِيرَةٍ وَيُشْتَرَطُ فِي الْكَبِيرَةِ لَا فِي الْخَانِ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ بَيْتٍ فِيهَا غَلْقٌ بِبَابٍ وَمَرْقًى فَإِنْ لَمْ يَكُونَا أَوْ سَكَنَا فِي صُفَّتَيْنِ مِنْ الدَّارِ أَوْ فِي بَيْتٍ وَصُفَّةٍ حَنِثَ. اهـ.
وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي اشْتِرَاطِ الْبَابِ لِكُلٍّ مِنْ الْبَيْتَيْنِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْخَانِ وَالدَّارِ الْكَبِيرَةِ بِاشْتِرَاطِ غَلْقٍ وَمَرْقًى لِكُلٍّ مِنْهُمَا فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ انْفَرَدَ إلَخْ) وَلَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ وَأَطْلَقَ وَكَانَا فِي مَوْضِعَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَعُدُّهُمَا الْعُرْفُ مُتَسَاكِنَيْنِ لَمْ يَحْنَثْ أَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُ زَيْدًا وَعَمْرًا بَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا أَوْ زَيْدًا وَلَا عَمْرًا لَمْ يَبَرَّ بِخُرُوجِ أَحَدِهِمَا. اهـ. نِهَايَةٌ قَالَ ع ش: وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يُسَاكِنُهُ فِي بَلَدِ كَذَا وَأَطْلَقَ وَسَكَنَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي دَارٍ مِنْهَا فَلَا حِنْثَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَا يَعُدُّهُمَا مُتَسَاكِنَيْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّحَدَتْ الدَّارُ إلَخْ) الْوَاوُ حَالِيَّةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ انْفَرَدَ فِي دَارٍ كَبِيرَةٍ بِحُجْرَةٍ مُنْفَرِدَةِ الْمَرَافِقُ كَالْمَرْقَى وَالْمَطْبَخِ وَالْمُسْتَحَمِّ وَبَابِ الْحُجْرَةِ فِي الدَّارِ لَمْ يَحْنَثْ، وَكَذَا لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِحُجْرَةٍ كَذَلِكَ فِي دَارٍ. اهـ.
(وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُهَا) أَيْ: الدَّارَ (وَهُوَ فِيهَا أَوْ لَا يَخْرُجُ) مِنْهَا (وَهُوَ خَارِجٌ) قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ أَوْ لَا يَمْلِكُ هَذِهِ الْعَيْنَ وَهُوَ مَالِكُهَا فَاسْتَدَامَ مِلْكُهَا.
(فَلَا حِنْثَ بِهَذَا)؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الدُّخُولِ الِانْفِصَالُ مِنْ خَارِجٍ لِدَاخِلٍ، وَالْخُرُوجُ عَكْسُهُ وَلَمْ يُوجَدَا فِي الِاسْتِدَامَةِ؛ وَلِأَنَّهُمَا لَا يَتَقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ، نَعَمْ لَوْ نَوَى بِعَدَمِ الدُّخُولِ الِاجْتِنَابَ فَأَقَامَ أَوْ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ أَنْ لَا يَنْقُلَ أَهْلَهُ مَثَلًا فَنَقَلَهُمْ حَنِثَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ) كَذَا فِي أَصْلِهِ بِخَطِّهِ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَالْمُغْنِي ابْنُ الصَّلَاحِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَمْلِكُ هَذَا الْعَيْنَ إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي هَذَا وَلَا يَبِيعُهُ، وَقَدْ سَبَقَ الْعَقْدَ عَلَيْهِ الْحَلِفُ فَلَا يَحْنَثُ بِالِاسْتِدَامَةِ فِي ذَلِكَ، لَكِنْ لَوْ أَرَادَ اجْتِنَابَهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكَ فِيهَا وَلَمْ يُوَافِقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْفَسْخِ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُ النَّقْلُ عَنْ مِلْكِهِ فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَمْلِكُهَا وَأَرَادَ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكَ هَلْ يَحْنَثُ بِذَلِكَ أَوْ لَا وَهَلْ عَجْزُهُ عَمَّنْ يَشْتَرِي بِثَمَنِ الْمِثْلِ حَالًّا فِيمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَسْتَدِيمُ الْمِلْكَ عُذْرٌ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا الْعَلَّامَةِ الشَّوْبَرِيِّ الْقَوْلُ بِالْحِنْثِ فِيهِمَا وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا لَوْ لَمْ يُوَافِقْهُ الْبَائِعُ عَلَى الْفَسْخِ فِيمَا لَوْ قَالَ: لَا أَشْتَرِي وَأَرَادَ رَدَّهَا عَلَى مَالِكِهَا. اهـ. ع ش.
أَقُولُ وَكَذَا الْأَقْرَبُ عَدَمُ الْحِنْثِ فِيمَا لَوْ أَرَادَ بِعَدَمِ اسْتِدَامَةِ الْمِلْكِ الْبَيْعَ بِثَمَنِ الْمِثْلِ حَالًا مَثَلًا وَلَمْ يَتَيَسَّرْ ذَلِكَ الْبَيْعُ.
(قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَا حِنْثَ إلَخْ) أَيْ: وَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَلَوْ خَرَجَ مِنْهَا ثُمَّ عَادَ حَنِثَ بِالدُّخُولِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَلِأَنَّهُمَا لَا يَتَقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ)؛ وَلِأَنَّ مِلْكَ الشَّيْءِ عِبَارَةٌ عَنْ تَمَلُّكِهِ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَا يَمْلِكُ بِاخْتِيَارِهِ حَنِثَ، أَمَّا مَا مَلَكَهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَأَنْ مَاتَ مُورِثُهُ فَدَخَلَتْ فِي مِلْكِهِ بِمَوْتِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَلَمْ يُوجَدْ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِعَدَمِ الْخُرُوجِ أَنْ لَا يَنْقُلَ إلَخْ) أَيْ: أَوْ أَرَادَ بِعَدَمِ الْمِلْكِ أَنْ لَا تَبْقَى فِي مِلْكِهِ فَاسْتَدَامَ حَنِثَ أَوْ أَرَادَ أَنَّهَا لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ حَنِثَ، وَإِنْ أَزَالَهَا عَنْ مِلْكِهِ حَالًا. اهـ. ع ش.
(أَوْ) حَلَفَ (لَا يَتَزَوَّجُ) أَوْ لَا يَتَسَرَّى كَمَا بَحَثَهُ أَبُو زُرْعَةَ، وَرُدَّ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْفَرْقِ أَنَّ التَّزَوُّجَ إيجَابٌ وَقَبُولٌ، وَهُوَ مُنْقَضٍ لَا دَوَامَ لَهُ، وَالتَّسَرِّي فِعْلٌ، وَهُوَ التَّحْصِينُ عَنْ الْعُيُونِ وَالْوَطْءُ وَالْإِنْزَالُ، وَهَذَا مُسْتَمِرٌّ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي إنْ حُمِلَ التَّسَرِّي عَلَى مَدْلُولِهِ اللُّغَوِيِّ لَا الْعُرْفِيِّ إذْ أَهْلُهُ لَا يُطْلِقُونَ التَّسَرِّيَ إلَّا عَلَى ابْتِدَائِهِ دُونَ دَوَامِهِ. اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَوْلَى عَلَى رَأْيِ الرَّافِعِيِّ مَنْعُ أَنَّ التَّزَوُّجَ هُوَ مَا ذُكِرَ لَا غَيْرُ، بَلْ يُطْلَقُ لُغَةً وَعُرْفًا عَلَى الصِّفَةِ الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الصِّيغَةِ فَسَاوَى التَّسَرِّيَ (أَوْ لَا يَتَطَهَّرُ أَوْ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَقُومُ أَوْ لَا يَقْعُدُ) أَوْ لَا يُشَارِكُ فُلَانًا أَوْ لَا يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ (فَاسْتَدَامَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ حَنِثَ)؛ لِأَنَّهَا تُقَدَّرُ بِزَمَانٍ كَلَبِسْت يَوْمًا وَرَكِبْت لَيْلَةً وَشَارَكْته شَهْرًا وَكَذَا الْبَقِيَّةُ، وَإِذَا حَنِثَ بِاسْتِدَامَةِ شَيْءٍ ثُمَّ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَهُ فَاسْتَدَامَهُ لَزِمَهُ كَفَّارَةٌ أُخْرَى لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ الْأُولَى بِالِاسْتِدَامَةِ الْأُولَى، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: كُلَّمَا لَبِسْت فَأَنْتِ طَالِقٌ تَكَرَّرَ الطَّلَاقُ بِتَكَرُّرِ الِاسْتِدَامَةِ، فَتَطْلُقُ ثَلَاثًا بِمُضِيِّ ثَلَاثِ لَحَظَاتٍ وَهِيَ لَابِسَةٌ وَمَا قِيلَ ذِكْرُ كُلَّمَا قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لِلِابْتِدَاءِ مَرْدُودٌ بِمَنْعِ ذَلِكَ وَيَتَرَدَّدُ النَّظَرُ فِي لَابِسٍ مَثَلًا حَلَفَ لَا يَلْبَسُ إلَى وَقْتِ كَذَا، هَلْ تُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَى أَنْ لَا يُوجِدَ لُبْسًا قَبْلَ ذَلِكَ الْوَقْتِ فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ وَلَوْ لَحْظَةً أَوْ عَلَى الِاسْتِدَامَةِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يَحْنَثُ إلَّا إنْ اسْتَمَرَّ لَابِسًا إلَيْهِ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، لَكِنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِمْ: الْفِعْلُ الْمَنْفِيُّ بِمَنْزِلَةِ النَّكِرَةِ الْمَنْفِيَّةِ فِي إفَادَةِ الْعُمُومِ تَرْجِيحُ الْأَوَّلِ فَلِذَا جَرَى عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ.
وَفِي الْأَنْوَارِ: حَلَفَ لَا يَتَخَتَّمُ وَهُوَ لَابِسٌ الْخَاتَمَ فَاسْتَدَامَهُ لَمْ يَحْنَثْ وَهُوَ مُشْكِلٌ عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي اللُّبْسِ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّ صِيغَةَ التَّفَعُّلِ تَقْتَضِي إيجَادَ مُعَانَاةٍ لِلْفِعْلِ، وَالِاسْتِدَامَةُ لَيْسَ فِيهَا ذَلِكَ فَلَمْ يُمْكِنْ التَّقْدِيرُ هُنَا بِمُدَّةٍ بِخِلَافِ صِيغَةِ أَصْلِ الْفِعْلِ كَاللُّبْسِ، وَعَلَيْهِ فَهَلْ يَخْتَصُّ هَذَا بِالنَّحْوِيِّ أَوْ لَا لِأَنَّ الْعَامِّيَّ يُدْرِكُ الْفَرْقَ بَيْنَ الصِّيغَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يُحْسِنْ التَّعْبِيرَ عَنْهُ كُلٌّ مُحْتَمَلٌ، وَالثَّانِي أَقْرَبُ؛ وَبِذَلِكَ يُعْلَمُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ هَذَا الْخَاتَمَ وَهُوَ لَابِسُهُ حَنِثَ بِالِاسْتِدَامَةِ، (قُلْت تَحْنِيثُهُ بِاسْتِدَامَةِ التَّزَوُّجِ وَالتَّطَهُّرِ) عَلَى مَا فِي أَكْثَرِ نُسَخِ الْمُحَرَّرِ (غَلَطٌ لِذُهُولٍ) عَمَّا فِي شَرْحَيْهِ، فَإِنَّ الَّذِي جُزِمَ بِهِ فِيهِمَا عَدَمُ الْحِنْثِ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ الْمَنْصُوصُ؛ إذْ لَا يُقَدَّرَانِ بِمُدَّةٍ كَالدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ فَلَا يُقَالُ: تَزَوَّجْت وَلَا تَسَرَّيْت وَلَا تَطَهَّرْت شَهْرًا مَثَلًا، بَلْ مُنْذُ شَهْرٍ، وَزَعَمَ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ يُقَالُ: ذَلِكَ مَرْدُودٌ، وَلَك أَنْ تَقُولَ: إنْ أُرِيدَ لَا يُقَالُ ذَلِكَ عُرْفًا اُتُّجِهَ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَا يُقَالُ عُرْفًا وَهُمْ أَحَقُّ بِمَعْرِفَةِ الْعُرْفِ مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ نَحْوًا اُتُّجِهَ مَا قَالَهُ إذْ النَّحْوُ لَا يَمْنَعُهُ، لَكِنْ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ الْمُرَادَ هُوَ الْأَوَّلُ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْحِنْثِ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَنْوِ اسْتِدَامَتَهُمَا وَإِلَّا حَنِثَ بِهَا جَزْمًا (وَاسْتِدَامَةِ طِيبٍ لَيْسَتْ تَطَيُّبًا فِي الْأَصَحِّ؛) إذْ لَا يُقَدَّرُ عَادَةً بِمُدَّةٍ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَلْزَمْهُ بِهَا فِدْيَةٌ فِيمَا لَوْ تَطَيَّبَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَاسْتَدَامَ.
(وَكَذَا وَطْءٌ) وَغَصْبٌ (وَصَوْمٌ وَصَلَاةٌ) فَلَا يَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهَا فِي الْأَصَحِّ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)، وَنَازَعَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهَا تُقَدَّرُ بِزَمَانٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ الْمُرَادَ فِي نَحْوِ نَكَحَ أَوْ وَطِئَ فُلَانَةَ وَغَصَبَ كَذَا وَصَامَ شَهْرًا اسْتِمْرَارُ أَحْكَامِ تِلْكَ لَا حَقِيقَتِهَا لِانْقِضَائِهَا بِانْقِضَاءِ أَدْنَى زَمَنٍ فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ وَبِمُضِيِّ يَوْمٍ لَا بَعْضِهِ فِي الصَّوْمِ؛ إذْ حَقِيقَتُهُ الْإِمْسَاكُ مِنْ الْفَجْرِ إلَى الْغُرُوبِ وَهَذِهِ الْحَقِيقَةُ لَا يُمْكِنُ تَقْدِيرُهَا بِزَمَنٍ إلَّا حُكْمًا كَمَا تَقَرَّرَ، وَالصَّلَاةُ لَمْ يُعْهَدْ عُرْفًا وَلَا شَرْعًا تَقْدِيرُهَا بِزَمَنٍ، بَلْ بِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ فَإِنْ قُلْت يُنَافِي مَا ذُكِرَ فِي الْوَطْءِ جَعْلُهُمْ اسْتِدَامَةَ الصَّائِمِ الْوَطْءَ بَعْدَ الْفَجْرِ مَعَ عِلْمِهِ وَطْئًا مُفْسِدًا، قُلْت: لَا يُنَافِيهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لِمَعْنًى آخَرَ أَشَارُوا إلَيْهِ بِقَوْلِهِمْ تَنْزِيلًا لِمَنْعِ الِانْعِقَادِ مَنْزِلَةَ الْإِبْطَالِ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَكُلُّ عَقْدٍ أَوْ فِعْلٍ يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لَا تَكُونُ اسْتِدَامَتُهُ كَابْتِدَائِهِ.
وَفِيمَا أَطْلَقَهُ فِي الْعَقْدِ نَظَرٌ لِمَا مَرَّ فِي الشَّرِكَةِ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ ذَاكَ عَلَى الشَّرِكَةِ بِغَيْرِ عَقْدٍ كَالْإِرْثِ، أَوْ لَا يَغْصِبُ فَاسْتَدَامَ فَلَا كَمَا قَالَاهُ، وَاعْتَرَضَهُ الْإِسْنَوِيُّ بِصِحَّةِ تَقْدِيرِهِ بِمُدَّةٍ كَغَصَبْتُه شَهْرًا وَبِتَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّهُ فِي دَوَامِ الْغَصْبِ غَاصِبٌ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ تَقْدِيرِهِ بِمُدَّةٍ عُرْفًا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ وَأَقَامَ عِنْدِي شَهْرًا، وَمَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ غَاصِبٌ حُكْمًا وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ، ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا أَجَابَ بِنَحْوِ ذَلِكَ، وَاسْتِدَامَةُ السَّفَرِ سَفَرٌ وَلَوْ بِالْعَوْدِ مِنْهُ نَعَمْ إنْ حَلَفَ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ بِالْعَوْدِ وَعُلِمَ مِمَّا تَقَرَّرَ أَنَّ كُلَّ مَا يُقَدَّرُ عُرْفًا بِمُدَّةٍ مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ يَكُونُ دَوَامُهُ كَابْتِدَائِهِ فَيَحْنَثُ بِاسْتِدَامَتِهِ وَمَا لَا فَلَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يُقِيمُ بِمَحَلٍّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَأَطْلَقَ فَأَقَامَ بِهِ يَوْمَيْنِ ثُمَّ سَافَرَ ثُمَّ عَادَ فَأَقَامَ بِهِ يَوْمًا حَنِثَ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِمْ فِي نَذْرِ اعْتِكَافِ شَهْرٍ أَوْ سَنَةٍ مَثَلًا، قَالُوا لِصِدْقِ الِاسْمِ بِالْمُتَفَرِّقِ وَالْمُتَوَالِي بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْيَمِينِ الْهَجْرُ وَلَا يَتَحَقَّقُ بِغَيْرِ تَتَابُعٍ، وَاعْتُرِضَ بِقَوْلِ الرَّوْضَةِ: لَوْ حَلَفَ لَا تَمْكُثُ زَوْجَتُهُ فِي الضِّيَافَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَخَرَجَتْ مِنْهَا الثَّلَاثَ فَأَقَلَّ ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهَا فَلَا حِنْثَ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ وُجِدَ هُنَا لِإِثْمٍ؛ لِأَنَّهُ الْمُكْثُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِلضِّيَافَةِ، وَالرُّجُوعُ وَلَوْ بِقَصْدِ الضِّيَافَةِ لَا يُسَمَّى ضِيَافَةً؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالْمُسَافِرِ بَعْدَ قُدُومِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ تَمَّ لَهُ هَذَا التَّعْلِيلُ، كَيْفَ وَالْعُرْفُ قَاضٍ بِأَنَّهَا لَا تَخْتَصُّ بِذَلِكَ.